فصل: الشاهد التاسع والعشرون بعد الأربعمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء أهل مصر على عسقلان.

كانت عسقلان لخلفاء العلوية بمصر وقد ذكرنا حروب الإفرنج مع عساكرهم عليها وآخر من استشهد منهم جمال الملك نائبها كما مر آنفا وولي عليها شمس الخلافة فراسل بقدوين ملك القدس وهاداه ليمتنع به من الخليفة بمصر وبعث الأفضل ابن أمير الجيوش العساكر إليه سنة أربع وخمسمائة مع قائد من قوادهم موريا بالغزو وأسر إليه بالقبض على شمس الخلافة والولاية مكانه بعسقلان وشعر شمس الخلافة بذلك فجاهر بالعصيان فخشي أن يملكها الإفرنج فراسله وأقره على عمله وعزل شمس الخلافة جند عسقلان واستنجد جماعة من الأرمن فاستوحش منه أهل البلد ووثبوا به فقتلوه وبعثوا إلى الأمير الأفضل صاحب مصر المستولي عليها بطاعتهم فجاءهم الوالي من قبله واستقامت أمورهم.

.استيلاء الإفرنج على حصن الأثارب وغيره.

ثم جمع شكري صاحب إنطاكية واحتشد وسار إلى حصن الأقارب على ثلاثة فراسخ من حلب فحاصره وملكه عنوة وأثخن فيهم بالقتل والسبي ثم سار إلى حصن وزدناد ففعل فيه مثل ذلك وهرب أهله منه ومارس على بلديهما ثم سار عسكر من الإفرنج إلى مدينة صيدا فملكوها على الأمان وأشفق المسلمون من استيلاء الإفرنج على الشام وراسلوهم في الهدنة فامتنعوا إلا على الضريبة فصالحهم رضوان حلب على اثنين وثلاثين ألف دينار وعدة من الخيول والثياب وصاحب صور على سبعة آلاف دينار وابن منقذ صاحب شيرز على أربعة آلاف دينار وعلي الكردي صاحب حماة على ألفي دينار ومدة الهدنة إلى حصاد الشعير ثم اعترضت مراكب الإفرنج مراكب التجار من مصر فأخذوها وأسروهم وسار جماعة من أهل حلب إلى بغداد للنفير فدخلوها مستغيثين ومعهم خلق من الفقهاء والغوغاء وقصدوا جامع السلطان يوم الجمعة فمنعوا الناس من الصلاة بضجيجهم وكسروا المنبر فوعدهم السلطان بإنفاذ العساكر للجهاد وبعث من دار الخلافة منبرا للجامع ثم قصدوا في الجمعة الثانية جامع القصر في مثل جمعهم ومنعهم صاحب الباب فدفعوا ودخلوا الجامع وكسروا شبابيك المقصورة والمنبر وبطلت الجمعة وأرسل الخليفة إلى السلطان في رفع هذا الحزن فأمر الأمراء بالتجهيز للجهاد وأرسل ابنه الملك مسعودا مع الأمير مودود صاحب الموصل ليلحق به الأمراء ويسيروا جميعا إلى قتال الإفرنج.

.مسير الأمراء السلجوقية إلى قتال الإفرنج.

ولما سار مسعود ابن السلطان مع الأمير مودود إلى الموصل اجتمع معهم الأمراء سقمان القطبي صاحب ديار بكر وابنا برسق إبلتكي وزنكي أصحاب همذان والأمير أحمد بك صاحب مراغة وأبو الهيجاء صاحب أربل وأياز بن أبي الغازي بعثه أخوه صاحب ماردين وساروا جميعا إلى سنجار وفتحوا عدة حصون للإفرنج ونزلوا على مدينة الرها وحاصروا واجتمعوا مع الإفرنج على الفرات وخام الطائفتان عن اللقاء وتأخر المسلمون إلى حران يستطردون للإفرنج لعلهم يعبرون الفرات فخالفهم الإفرنج إلى الرها وشحنوها أقواتا وعدة وأخرجوا الضعفاء منها ثم عبروا الفرات إلى نواحي حلب لأن الملك رضوان صاحبها لما عبروا إلى الجزيرة ارتجع بعض الحصون التي كان الإفرنج أخذوها بأعمال حلب فطرقوها الآن فاكتسحوا نواحيها وجاءت عساكر السلطان إلى الرها وقاتلوها فامتنعت عليهم فعبروا الفرات وحاصروا قلعة تل ناشر شهرا ونصفا فامتنعت فرحلوا إلى حلب فعقد الملك رضوان عن لقائهم ومرض هنالك سقمان القطبي ورجعوا فتوفي في بالس وحمل شلوه إلى بلده ونزلت العساكر السلطانية على معرة النعمان فخرج طغركين صاحب دمشق إلى مودود ونزل عليه ثم ارتاب لما رأى من الأمراء في حقه فدس للإفرنج بالمهادنة ثم افترقت العساكر كما ذكرنا في أخبارهم وبقي مودود مع طغركين على نهر العاصي وطمع الإفرنج بافتراقهم فساروا إلى أفامية وخرج سلطان بن منقذ صاحب شيرز إلى مودود طغركين فرحل بهم إلى شيرز وهون عليهم أمر الإفرنج وضاقت الميرة على الإفرنج فرحلوا وأتبعهم المسلمون يتخطفون من أعقابهم أبعدوا والله تعالى أعلم.

.حصار الإفرنج مدينة صور.

ولما افترقت العساكر السلطانية خرج بقدوين ملك القدس وجمع الإفرنج ونزلوا على مدينة صور في جمادي الأولى من سنة خمس وهي للأمير الأفضل صاحب مصر ونائبه بها عز الملك الأغر ونصبوا عليها الأبراج والمجانيق وانتدب بعض الشجعان من أهل طرابلس كان عندهم في ألف رجل وصدقوا الحملة حتى وصلوا البرج المتصل بالسور فأحرقوه ورموا الآخرين بالنفط فأحرقوهم واشتد القتال بينهم وبعث أهل صور إلى طغركين صاحب دمشق يستنجدونه على أن يمكنوه من البلد فجاء إلى بانياس وبعث إليهم بمائتي فرس واشتد القتال وبعث نائب البلد إلى طغركين بالاستحثاث للوصول ليمكنه من البلد وكان طغركين يغير على أعمال الإفرنج في نواحيها وملك لهم حصنا من أعمال دمشق وقطع الميرة عنهم فساروا يحملونها في البحر ثم سار إلى صيدا وأغار عليها ونال منها ثم أزهت الثمرة وخشي الإفرنج من طغركين على بلادهم فأفرجوا عن صور إلى عكا وجاء طغركين إلى صور فأعطى الأموال واشتغلوا بإصلاح سورهم وخندقهم والله أعلم.